د. هارفى وهو طبيب متخصص فى علم الأمراض يأخذ مخ آينشتين معه لدراسته.
فى ذلك الوقت كان مسموحاً للعلماء أن يفعلوا ذلك لدراسة مخ آينشتين علمياً
لمعرفة السر فى عبقرية هذا الرجل.
دائماً ما نعتقد أن هناك شيئاً غريباً وغير تقليدى قد جعل العالم الفيزيائى الأكثر شهرة آلبرت آينشتين ذكياً جداً!
لقد قامت نظريات هذاينشتين عبقراي العالم الفذ بتغيير المفاهيم السائدة عن الزمن والمكان وتركت أفكاره علاماتها فى كل مجالات الفيزياء الحديثة.
بالفعل فإن اعتقاداتنا صحيحة فعندما مات آينشتين فى 17 أبريل عام 1955 عن
عمر يناهز 76 عاماً. قام د. هارفى بوضع مخ آينشتين فى قارورتين من الزجاج
وقام بتقطيع معظم أجزاء المخ إلى شرائح صغيرة. ولكن فحوصات د. هارفى
الأولية لم تجد فرقاً فى التركيب التشريحى بين مخ آينشتين والمخ الطبيعى،
ويعزى ذلك إلى أن المعلومات المتاحة عن المخ البشرى فى ذلك الوقت لم تسمح
بتحديد الاختلافات بعد.
فى عام 1980 قامت د. ماريان دياموند (الأستاذة
بجامعة كاليفورنيا بالولايات المتحدة) بأبحاثها على مخ آينشتين الوجود فى
معمل د. هارفى، قامت بحساب عدد الخلايا المسماة glial cells (وهى الخلايا
التى تدعم وتعطى الغذاء للخلايا العصبية فى المخ وتساعد فى نقل الإشارات
العصبية) وقامت بمقارنة تلك الخلايا مع عدد الخلايا فى أمخاخ 11 رجلاً من
ذوى الأمخاخ الطبيعية. واكتشفت أن هناك زيادة فى نسبة تلك الخلايا مما
يعنى زيادة فى سرعة الإشارات العصبية واتصالها بعضها ببعض مما يشير إلى
تفسير قدرة آينشتين الكبيرة على التفكير والفهم وإجراء العمليات الحسابية.
وفى عام 1999 قام فريق من العلماء من قسم العلوم العصبية فى جامعة
ماكماستر بكندا بمقارنة مخ آينشتين بأمخاخ (35) رجلاً و (50) امرأة ووجدوا
أن مخ آينشتين يتشابه مع الأمخاخ الطبيعية ما عدا فى منطقة فى المخ تسمى lateral sulcus (Sylvian fissure) = وهو شق. هذا الشق غير موجود فى مخ آينشتين مما سمح بأن تتمدد أجزاء أخرى مثل منطقة inferior parietal lobe التى تمددت بمقدار 15% زيادة على الطبيعى.
وهذا جعل الخلايا قريبة بعضها من بعض أكثر (بسبب عدم وجود الشق) مما سمح
بتعدد الاتصالات العصبية بين أجزاء المخ المختلفة وهذه المنطقة، وأدى إلى
زيادة السعة المعرفية والقدرة على العمليات الحسابية والتفكير الرياضى
بصورة تفوق الطبيعى.
وفى النهاية فإن دراسة عقول العباقرة مثل آينشتين
كانت تختلف من الماضى عنها فى الحاضر. ففى الماضى كان المتاح فقط هو دراسة
التركيب التشريحى للمخ بعد موت الإنسان. أما الآن فهناك وسائل حديثة مثل
الرنين المغناطيسى MRI يمكن من خلالها دراسة المخ فى أثناء حياة الإنسان
وهذا يعنى أن تكنولوجيتنا الحديثة الآن إذا كانت متاحة فى عهد آينشتين
لكانت وجدت اختلافاً كبيراً فى عقله وهو حى عنه وهو ميت.
المصدر: ملحق مجلة العربى (العلمى) الكويتية - عدد: يوليو 2009م