أيها الغافل : ما عندك خبر منك ! فما تعرف من نفسك إلا أن تجوع فتأكل ، و تشبع فتنام ، و تغضب فتخاصم ، فبم تميزت عن البهائم !
واعجباً لك! لو رأيت خطاً مستحسن الرقم لأدركك الدهش من حكمة الكاتب ، و أنت ترى رقوم القدرة ولا تعرف الصانع ، فإن لم تعرفه بتلك الصنعة فتعجّب ، كيف أعمى بصيرتك مع رؤية بصرك !
يا من قد وهى شبابه ، و امتلأ بالزلل كتابه ،أما بلغك ان الجلود إذا استشهدت نطقت ! أما علمت أن النار للعصاة خلقت ! إنها لتحرقكل ما يُلقى فيها ، فتذكر أن التوبة تحجب عنها ، و الدمعة تطفيها
سلوا القبور عن سكانها ، و استخبروا اللحود عن قطانها ،تخبركم بخشونة المضاجع ، و تُعلمكم أن الحسرة قد ملأت المواضع ، و المسافر يود لوانه راجع ، فليتعظ الغافل و ليراجع
يامُطالباً بأعماله ، يا مسئولاً عن أفعاله ، يا مكتوباً عليه جميع أقواله ، يامناقشاً على كل أحواله ، نسيانك لهذا أمر عجيب !
إن مواعظ القرآن تُذيب الحديد ، و للفهوم كل لحظة زجرجديد ، و للقلوب النيرة كل يوم به وعيد ، غير أن الغافل يتلوه و لا يستفيد .
كان بشر الحافي طويل السهر يقول : أخاف أنيأتي أمر الله و أنا نائم
من تصور زوال المحنو بقاء الثناء هان الابتلاء عليه ، و من تفكر في زوال اللذات وبقاء العار هان تركهاعنده ، و ما يُلاحظ العواقب إلا بصر ثاقب
عجباً لمؤثر الفانية على الباقية ، و لبائع البحر الخضم بساقية ، و لمختار دارالكدر على الصافية ، و لمقدم حب الأمراض على العافية
قدم على محمد بن واسع ابن عم له فقال له من أين أقبلت ؟قال : من طلب الدنيا ، فقال : هل أدركتها ؟ قال لا ، فقال : واعجباً ! أنت تطلبشيئاً لم تدركه ، فكيف تدرك شيئاً لم تطلبه
يُجمع الناس كلهم في صعيد ، و ينقسمون إلى شقي و سعيد ، فقوم قد حلّ بهم الوعيد ، وقوم قيامتهم نزهة و عيد ، و كل عامل يغترف من مشربه
كم نظرة تحلو في العاجلة ، مرارتها لا تُـطاق في الآخرة ،يا ابن أدم قلبك قلب ضعيف ، و رأيك في إطلاق الطرف رأي سخيف ، فكم نظرة محتقرة زلتبها الأقدام.
يا طفل الهوى ! متى يؤنس منك رشد ،عينك مطلقة في الحرام ، و لسانك مهمل في الآثام ، و جسدك يتعب في **ب الحطام.
أين ندمك على ذنوبك ؟ أين حسرتك على عيوبك ؟إلى متى تؤذي بالذنب نفسك ، و تضيع يومك تضييعك أمسك ، لا مع الصادقين لك قدم ، ولا مع التائبين لك ندم ، هلاّ بسطت في الدجى يداً سائلة ، و أجريت في السحر دموعاًسائلة
تحب أولادك طبعاً فأحبب والديك شرعاً ،و ارع أصلاً أثمر فرعاً ، و اذكر لطفهما بك و طيب المرعى أولاً و أخيرا ، فتصدقعنهما إن كانا ميتين ، و استغفر لهما و اقض عنهما الدين.
من لك إذا الم الألم ، و سكن الصوت و تمكن الندم ، ووقعالفوت ، و أقبل لأخذ الروح ملك الموت ، و نزلت منزلاً ليس بمسكون ، فيا أسفاً لككيف تكون ، و أهوال القبر لا تطاق.